حُبُّ الله من إسرار إجابة الدُعاء.
كلنا لنا ذنوب بل إننا خُلقنا لنُذنِب ونتوب، وذلك كما ثبت في الحديث التالي عن الحبيب - صلى الله عليه وسلم: حدثنا قتيبة، حدثنا الليث عن محمد بن قيس قاص عمر بن عبد العزيز عن أبي صرمة عن أيوب، أنه قال حين حضرته الوفاة: « قد كتمت عنكم شيئا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لولا أنكم تذنبون لخلق الله خلقا يذنبون فيغفر لهم ».
ولكن البعض منا له بركة في الدعاء لا توجد للآخرين، وسر هذه البركة في ثلاث:- أولا في حب الله، وثانياً في شدة الثقة بالله، وثالثاً بتطهرنا لله من المعاصي.
فكم من عاصٍ دعا الله وقلبه مُفعمٌ بحبِّ الله، أُجيب دعاؤه! وكم من جلف القلب كثير العبادة ( فيما يبدو للناس ) لا تدمع له عين لله، انتهت حياته فيما لا يُرضي الله، لبُعد قلبه عن السعي لحب الله.
وبناءً على قول بعض العارفين بالله: إن المرء يفهم ما يَجِدُّ عليه من علمٍ بمخزونه الثقافي، لذلك أرجوك أخي القارئ أن تتلمس حُبَّ الله من خلال فهم الآيات المباركات التالية، فاقرأ معي بتمعن وتلمس حُبَّ الله بمعرفة ما يُحبُّ الله:
{ قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَآ أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} التوبة 24، { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ} الصف4، { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} البقرة 222، { وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} آل عمران 56 ، { فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} آل عمران 76، { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} آل عمران 109، { وَأَحْسِنُواْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} البقرة 195، { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} المائدة 42.
ومن أجل أن نُحبّ الله يجب أن نبتعد عما لا يُحبُّه الله، فتلمس أخي الكريم ما لا يُحبُّه الله في فهم الآيات المباركات التالية:
{لاَّ يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً} النساء 148، { إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ} الأنفال 58، { وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} آل عمران 57، { إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْفَرِحِينَ} القصص 47، { فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} آل عمران 32، { إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ} الحج 38، { إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} لقمان 18، { وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} البقرة 276، { إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ} النحل 23، { وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} الأنعام 141، { إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} البقرة 190، ، { وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ} البقرة 205.
حُبُّ الله وشدة ثقتنا بالله وحرصنا على التطهر من المعاصي وجوه لمبدأ واحد، فلا تحصل واحدة بدون أخواتها، وباب المعرفة لها هو معرفة أسماء الله الحسنى وصفاته، تأملوا - رحمكم الله - كتاب الله الكريم، ألا تلاحظون أن مُجمل الآيات تنتهي بالإشارة إلى اسم أو صفه لله تعالى!
القرآن الكريم نُزِّل كرماً من الله علينا، وله جُملة من الأهداف، أهمها تعريفنا في الله تعالى، ومن دون أن نتعرف إلى الله تعالى لن نفهم الفقه، ولا أصول الدين ولا الحكمة، وأهم من ذلك كله لن نستطيع أن نُحبّ الله، ولا أن نثق بجلاله، ولن نرى طريق التطهُر من المعاصي.
عندما كنت أُحاول أن أدعو بعض الذين أُشربوا فقه المُرجفين المُتنطعين جُلف القلوب، قائلاً له أدعو الله فإنه مُجيب الدعاء.
كان يردُ عليّ: ( ولنفرض أن الله لم يقبل دعائي ) ؟
سبحان الله أين الثقة في الله؟ وأين المعرفة بالله الذي قال: { وَقَالَ رَبُّكُـمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } غافر 60، الله جلا جلاله وعد بالإجابة فكيف نشكُ في قوله؟ أين المعرفة بالله وقد جاء في الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { ثم إن الله يقول أنا ثم ظن عبدي بي وأنا معه إذا دعاني }.
المرجفون المتنطعون جُلف القلوب يقولون: وكيف نثق أن الدعاء سيستجاب؟ سبحان الله، وكيف تجرؤن أن تعيشوا من دون التوكل على الله؟ ألا يكفيكم أن يكون الله وكيلاً ؟!
أخي في الله إن كنت تبحث عن تزكية نفسك لتتمتع بمعية الله –تعالى وبالخشوع له ولتعيش بسلام في حماية الله، سأهمس في أُذنك بكلماتٍ أقسم بجلال الله لو وزنت بمال الأرض لوزنته وهي: ابدأ بفهم أسماء الله الحُسنى وصفاته، وستعلم بعد قراءة القليل الفرق بين الذين يُدّرِسون التوحيد والعقيدة على موائد المُرجفين المُتنطعين جُلف القلوب، وبين الذين يُدّرِسونها بأرواحهم، وستعلم الفرق بين الذين تخرج كلماتهم من حناجرهم وبين الذين سقوا كلماتهم بدمائهم، بدماءٍ زكيةٍ لامست نور الله - تعالى.
ارجع أخي في الله للآيات السابقة وادرس تفسيرها، وتلمس ما يُحبُّ الله وما لا يُحبّ، وزكِ نفسك، فأنفاس المرء خطواتٌ إلى أجله قال تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (
قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9)} الشمس.
منذ فترة قرأت خبر عن أطباء في الأردن حصلوا على الدكتوراه من بحثٍ أثبتوا فيه أن الذبائح التي تُذبح من دون ذكر اسم الله –تعالى عليها تتلف لحومها أسرع بكثير من الذبائح التي تُذبح مع ذكر اسم الله عليها، رغم أن طريقة الذبح واحدة، ولقد كرر الأوربيون التجربة مرات وتأكدوا من صحت النتائج ثم صمتوا !!
سأقول لكم أكثر من ذلك: إن الله هو النور، وإن قرآنه نورٌ من نوره، فإذا حُفظ في القلب، سكن نور الله القلب وتغيرت خلايا الجسد فيزيائياً فضلاً عن التغير الروحي، لذلك كثيراً من حالات العلاج في القرآن الكريم التي أتابعها وتباطأ علاجها، عادت للتسارع بعد أن بدأ المرضى بدراسة أسماء الله الحُسنى وتفسير سورة البقرة، بل إنني تفاجأت بمعلومة عظيمة، ألا وهي أن هذا هو الطريق الأقوى لعلاج الأمراض وفك السحر.
وبعون الله تعالى سننشر قريبا دعاء يُعلم التوحيد بأبسط السبل.
وأرجو أن تدعوا لي:
اللهم أيد عبدك أبى عمر بالعلم والمال والجند والنصر وأفتح عليه فتوح العارفين.
{وَمَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ} الشعراء.
أخوكم أبو عمر
مهندس/ طاقة وتحكم