بسم الله الرحمن الرحيم
{وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}سورة البقرة 282.
سياسة فقهاء المرجفون في التوطيد للمسيخ الدجال.
قال تعالى: { وَللَّهِ الأَسْمَآءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } الأعراف1810.
اختار الله تعالى منهجاً لتعرّيفنا بذاته وأسمائه وصفاته وذلك عبر شرح العبر والقصص والأحكام في القرآن الكريم ومن ثم ربط هذا الشرح بصفاته وأسمائه، لذلك تنتهي مُعظم القصص أو الأحكام أو العبر في القرآن الكريم بأسماء أو صفات الله تعالى، ومنها على سبيل المثال لا الحصر قوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَآ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} الإسراء14، و قوله تعالى: {قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَآ إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَآ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} البقرة32، وقوله تعالى: { قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ} البقرة235، وقوله تعالى: { وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى} النجم43.
وأقرَّ مُعظم علماء المسلمين بأن أسماء الله تعالى توقيفية، أي أنها محصورة بما ورد عن الله تعالى في القرآن الكريم، أو بما ورد عن الرسول صلوات الله عليه في الحديث الصحيح، وقرر العلماء بأن أسماء الله تعالى وصفاته من العقيدة فلا تجوز أن تؤخذ من الحديث الضعيف.
وتوضيحاً للفظ توقيفية أي أنه لا يجوز أن نضيف صفة أو فعل لله تعالى إلا إذا أضافه هو لذاته جلّ وعز، وعلى سبيل المثال فلا يجوز أن نضيف فعل الفساد لذات الله تعالى ( والعياذ بالله).
وحقيقة الأمر أنه لا يعلم الله تعالى إلا الله وحده لا شريك له، ولا يعلم أسماءه إلا هو وحده لا شريك له، ولهذا كان من دعاء الرسول صلوات الله عليه: .. قال ما أصاب أحدا قط هم ولا حزن فقال اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك ... إلى أخر الحديث.
وصفات الله تعالى هي ما وصف بها نفسه أو وصف بها أفعاله، وهي أيضا يجب أن تكون صفة مشتقة من اسم أو فعل وصف الله تعالى به نفسه أو وصف فعله في القرآن الكريم أو وصفه الرسول صلوات الله عليه بحديث صحيح، وعلى سبيل المثال: من أسماء الله تعالى: العظيم ومن الصفات المشتقة من هذا الاسم المُعظَم ( بفتح ظ ) أو المُعظِم ( بكسر ظ) فإن الله عظيم مُعظَم ومُعظِم يُعظِم من يشاء ويمحق من يشاء، وكذلك اسم الله تعالى الكريم ومن الصفات المشتقة من هذا الاسم المُكْرم ( بالسكون على ك )، والمُكَرم (بالفتح ك) وذو الكرم، وأكرم الأكرمين، وكل هذه الصفات صحيحة لأنه من يملك حق الكل يملك حق الجزء، وبعض العلماء قرر أن أكرم الأكرمين من أسماء الله تعالى.
وعلى هذا تمتع المسلمون بدعاء الله تعالى بأسمائه وصفاته التي وصف الله بها نفسه ومنها ما يلي: الستير والستّار والعاطي والمُعطي والمُنعم والحنّان والحنون والكريم وأكرم الأكرمين وذو الكرم، ومن صفات الله تعالى التي وصف بها أفعاله: الضار والمًرعب والمُدمر والمُزلزل والماحق والقاصف.
ولم يخض الأولين ولا الآخرين من المخلصين بأي جدل لغوي إن كان الضّار أو الستّار من أسماء الله تعالى أو صفاته، ماداموا يستطيعوا التمتع بدعاء الله تعالى بأسمائه أو صفاته، ومادامت لها أصل في نص القرآن الكريم أو الحديث الصحيح، واستقرت الأمة الإسلامية أكثر من ألف وأربعمائة سنة ولم ينفي أحد صفة الستّار أو الضاّر أو المُضل عن الله تعالى، سوى شرذمة في التاريخ سمية بالمُعطلة، وأجمع كل علماء الأمة عبر الأحقاف السالفة بكفرهم.
وبمفهوم المخالفة فإن نفي هذه الصفات التي وصف الله بها ذاته أو أفعاله، هو الكفر بعينه، كمثل الذي يقول أن الله ليس بستّار أو ليس بضار أو مُدمر أو مُزلزل!!
سبحان الله ومن غيره يستر أو يضر أو يدمر أو يزلزل؟
ولغويا الصفة تشمل الاسم، ومن يملك الاسم يملك كل صفاته ومشتقاته.
وعودا على بدئ، فمنهج الله تعالى في تعريف ذاته لخلقه كان بشرح القصص والعبر والأحكام الشرعية في قرآنه ثم ربط الأحداث بأسمائه أو صفاته، ولم يتجاوز الرسول صلوات الله عليه وسلامه هذا المنهج ولا صحابته ولا التابعين رضي الله عنهم أجمعين.
لكن فقهاء المرجفين أبوا هذا المنهج، وأصروا على البدعة السيئة وأغرقوا الأمة في دراسات تقسيم الأسماء والصفات إلى أقسام لم يقسمها الرسول صلوات الله عليه، ولم يتبعوا منهج الله في تدريس أسمائه وصفاته، بل ابتدعوا بدعة سيئة وخالفوا منهج الرسول صلوات الله عليه في العقيدة، وأخذوا يدرسوا أسماء الله وصفاته بدروس جافة لغوية غير مرتبطة بمنهج وأسلوب الله تعالى القرآني.
وحوّل المرجفون علم الصفات والأسماء إلى معادلات لغوية وفلسفة انتهت بهم إلى نفي أن الله ستّار أو ضار أو مُضل فضلا عن نفي الكثير من صفات وأسماء الله – تعالى – الأخرى الثابتة بالقرآن الكريم، متعدين على قدسية الله تعالى، ساقطين بالكفر البيّن البواح.
وكلما قلت لأحدهم أنه لا يعلم أسماء الله تعالى إلا هو وحده لا شريك له، وأن صفاته مشتقة من أسمائه وأفعاله الوارد بنص القرآن الكريم والحديث الصحيح، ويجوز دعاء الله تعالى بأسمائه أو صفاته، أجابوك بالتكفير والتضليل من دون أن تفهم لهم منهج.
وبلغت الزندقة ببعض المرجفين أنهم اعتبروا أن الستّار هو من أسماء الخمر، ودعاء الله تعالى بالستّار كفر؟؟؟؟
وزنادقة آخرين من المرجفين كفروا من يدعوا الله تعالى بالضّار أو المُضل!!
وأصبح مناطاً بنا إثبات البديهيات كالذي يُدافع عن صحة جدول الضرب، ويُحارب القسمة على صفر، شارحا بأن الصفر عدم، والقسمة على صفر هي كالذي يُقسم على العدم.
ومنهجية المرجفين في إثبات هذا الفساد الذي أضلهم الله به بما قدمت أيديهم، هو عندما خالفوا منهج الله تعالى في تدريس صفاته وأسمائه، واستبدلوا هذا المنهج بتقسيمات لأسماء الله وصفاته، أسماء ربوبية وآخرى ألوهية، وصفات ذات وصفات أفعال، ونحن لا نعترض على هذه التقسيمات، رغم أنه أمر مُحدث وبدعة وهو يمس العقيدة ولم يقم بها الرسول صلوات الله عليه، ولا الصحابة ولا التابعين رضي الله عنهم.
وبالخطوة التالية حددوا مفهوم التوقيفية لأسماء الله الحسنى، بأنها هي الأسماء الواردة بنص القرآن الكريم وصحيح الحديث، وبالتالي استنتجوا بأنه ورد بالحديث بأن الله تعالى ستير ولم يرد بأنه ستّار، وبهذا نفوا صف الستّار عن الله تعالى!!
وبعد أن أسسوا لهذا الفساد الكفري وانتشروا في المساجد وعلى صفحات الشبكة العنكبوتية وشاشات الفساد لا يتركوا مقام للخشوع يُدعى الله به بأحد صفاته إلا انفجروا يسألون هل هذا أسم أم صفة، وإذا أجبت أنه صفة قالوا هل هي صفة ذات أم أفعال، ومن أين اكتشفت هذه الصفة، وتجرءوا على قدسية الله تعالى وأخذوا ينادوا بمنتدياتهم أن الله ليس بستّار ولا ضَار ولا مُضل؟؟؟؟
ودفاعا عن الستّار نقول: أنه ثبت بالحديث الصحيح أن الله ستير، والستير هي صيغة مُبالغة من الستّار، ومن يملك حق الكل يملك حق الجزء، فالستير لا بدَّ أن يكون ستّار، ونفي أن الله هو الستّار، يُعد نفي أنه الستير، فكيف يكون الستير وهو ليس بالستار؟
ودفاعاً عن الضّار نقول: قال الله تعالى: { وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ } البقرة 102، وقوله تعالى: { قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُمْ مِّنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرّاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعاً بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً} الفتح11، وقوله تعالى: { قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِّن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ لاَ يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً} الرعد16، وقوله تعالى: { قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً إِلاَّ مَا شَآءَ اللَّهُ } يونس 49، وقوله تعالى: { قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} المائدة 76.
سبحان الله تعالى، ومن يملك الضر غير الله وحده لا شريك له؟
ونفي الضُر عن هيمنة الله تعالى هو كفر مثله مثل المساس بسلطان الله تعالى على ذرات الكون، فهذا الكون لله تعالى وحده لا شريك له، لا يقع في ملكه إلا ما أرادت إرادته، وإذا أرادت إرادته شيء وقع.
ودفاعاً عن المُضل نقول: قال تعالى: { الَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ} محمد1، وقال تعالى: { فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ} الروم29، وقال تعالى: { فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُواْ أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُواْ مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً} النساء 88.
إن تعطيل أي صفة لله تعالى، هي كفر بين وبواح، فكل الأمر لله تعالى وحده لا شريك له، حتى أنه لا يضحك ضاحك ولا يبكي باكي إلا بأمر الله تعالى، وتأملوا قول الله تعالى: { وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى} النجم43.