4taw3eah
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتديات التوعية الاسلامية بثانوية صقر الجزيرة بحداء
 
البوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 نابليون

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Stop Im The Best
مشرف عام
مشرف عام
Stop Im The Best


ذكر عدد الرسائل : 153
المزاج : رايق
جنسية : سعودي
أعلام الدول : نابليون Saudi_aC
نقاط : 264
السٌّمعَة : 6
تاريخ التسجيل : 29/12/2008

نابليون Empty
مُساهمةموضوع: نابليون   نابليون Icon_minitimeالأحد مايو 10, 2009 2:40 am

لم يكن نابليون يعلم ـ حين قاد الحملة الفرنسية على مصر وبعض ربوع الوطن العربي ـ أن بياناً مفصلاً عن أقواله وأفعاله.. حركاته وسكناته، سوف يُرْفَعُ إليّّ ـ بعد موته بنحو مئتي عام ـ كي أطلع عليه..، ثم أقرِّرُ أن ذلك الفتى كان طاغية.. سَيِّء التربية.. ولم تكن أمي تعلم ـ حين أهملت رَتْقَ ما أصاب جوربي من فَتْقٍ ـ أن امرأةً أخرى.. أشَدَّ ضراوةً من نابليون، قد تَطَّلعُ على تقصيرها، وتعمد ـ ربما ـ إلى توسيع دائرته..»
* * *
.. أخفى كُلٌّ منَّا يديه خلف ظهره، كأنما يحميهما ـ بذلك ـ من شبح العصا، الذي بدأ يداعب مخيلته.. يتراقص بين ثنايا.. حنايا ذلك الجزء من ذاكرة الألم.
.. بعد دقيقة حداد على السعادة التي ماتت فى أوج شبابها، أمرتنا بالنزول من فوق المقاعد.. أن نتبعها أطعنا صاغرين.. كان وجهها الجامد.. عيناها الجاحظتان.. أنفها المعقوف.. بقايا شفتيها اللتين أكلتهما القسوة.. ذقنها المربع.. شرَّ تأكيد للتطور الذي حدث في دنيا الرعب.
.. لامناص لكل منا، من الاستعداد ـ نفسياً وبدنياً ـ لتلقي وجبة دسمة.. مؤلمة.. ليس هذا بالجديد علينا.. كل سقف.. أرضية.. جدار، يختزن ـ خلف قشرته ـ بعض رجع الصدى لصراخنا.. وأنيننا.. صرنا أكثر نضجاً في مواجهة الخطوب.. لم يعد عجيباً أن نسائل أنفسنا ـ ونحن نتبع جلادتنا ـ ترى.. كم سينال كل منا؟.. هل أوزع نصيبي على يدىَّ بالتساوي، أم أكتفي بيد واحدة؟.. الدرس التالي.. إملاء.. ولا مناص لليد التي تتذوق هذه العصا، من البطالة بضعة أيام.. الأوفقُ أن أدخر يدي اليمنى..
بلغنا ـ أخيراً ـ قاعة الفرقة السادسة.. أرجلنا لاتكاد تحملنا.. نهض الجميع تحيةً لها.. يختلسون النظر إلينا.. كانوا أطول منا قليلاً.. بينهم من يماثلني ضآلة.. حسدته على مكانته الدراسية، وندبت حظى.
.. أشارت بيدها قائلة: جلوس..، ثم مضت إلى المنضدة.. آه.. العصا.. ترقد هناك.. أخذ كل منا ينفخ في يديه.. ارتسمت ابتسامة خفيفة على وجوه التلاميذ.. هناك أيضاً توأمي الضئيل.. يخفي ابتسامة خلف يدين معروقتين.. أصابع مخلبية.. وينظر تجاهي.. آه.. قلتها وأنا أعض على أناملي.. آه لو تبادلنا المواقع.. ولكن.. ماذا نفعل لحظوظ الدنيا؟.. ولكن.. عجباً!!.. إن يدها لم تقترب ـ حتى الآن ـ من العصا.. لم تمسها.. من ذا الذي يصدق أن شيئاً ما يثنيها عن عقابنا؟.. لعلها ستستخدم كفيها.. لا خيار لنا.. لا مفر من التهيؤ ـ نفسياً وبدنياً ـ لهذا التحول المفاجيء.. حسناً.. إن هذا يوفر علي كلتا يَدَيّ. يضيف إلى وجهي بعض الألوان المحببة.. وغير المحببة.. لابأس.. نحن الآن على أتم استعداد..
ـ اجلسوا..
ـ .. ماذا؟..!!
ـ ماذا أصابكم؟.. قلت لكم اجلسوا..
.. نظر كل منا إلى صاحبيه.. أسمعت ماقالت؟.. وأنت أيضاً؟ لابأس بِأُذُني إذن.. ولكن.. ماذا بعد؟.. لاشيء يثنيها عن العقاب.. يبدو أن هناك طريقة جديدة.. لعلها ستأمرنا بخلع أحذيتنا.. ولكن.. ماذا عن جوربي المقطوع؟.. كم من مرة طلبت من أمي أن ترتقه.. ولكن.. كان هناك ـ دائماً ـ مايشغلها..
.. مازالت ملامحها هادئة حتى هذه اللحظة.. طيف طمأنينة كاذبة.. يحلق بين جوانحنا.. نهضت أخيراً.. مضت إلى حيث السبورة.. ثم «الحملة الفرنسية على مصر..»!! ماذا؟.. مرة أخرى؟.. لم يمض على دراستنا لها سوى بضعة أيام.. كيف تأخر تلاميذ الفرقة السادسة عنا فى دراستها؟.. أم تراها حملة أخرى؟..
.. إنني أعلم ـ على الأقل ـ أن حملتنا كانت بقيادة نابليون.. كليبر.. ثم مينو.. عبدالله مينو.. لاسبيل إلى التيقن سوى الإصغاء.. حسناً.. هاهو نابليون يهاجم الإسكندرية، .. يزحف إلى القاهرة.. يعدم «محمد كريم» حاكم الإسكندرية.. ينصب المدافع فوق جبل المقطم.. يُصْلي حيَّ الأزهر ناراً.. يسافر إلى فرنسا..، تاركاً القيادة العامة لكليبر.. فأين «سليمان الحلبي»؟.. آه.. ها هو ذا.. اقترب.. اقترب أكثر اطعن.. اطعن.. سلمت يمينك يابطل.. هكذا تكون الشجاعة.
ـ قف أنت..
.. انتصبت ساقاي قبل أن آذن لهما..
ـ من أين جاء «سليمان الحلبي»؟
ـ جاء من عند الله..
.. ذهلت.. ثم ابتسمت.. ضجت القاعة بالضحك.. أشارت بيدها تجمدت بقايا البشر على الوجوه.. ثم انسحبت.. حدجتني بنظرة مخيفة..!!
ـ إما أنك غبي.. أو ماكر..
.. إضطربت قليلاً.. اختلست إلى العصا نظرة تخوف..ثم.
ـ إن لم يكن هناك عقاب.. فأنا ماكر..
.. عاودها الابتسام.. سرت العدوى ـ بشيء من الحذر ـ بين الجميع فيما عدا توأمي الضئيل، الذي رمقني بحسد، بعد أن تبين له براعتي في الإجابة.. قدرتي على المحاورة.. والمناورة.. كيف بمستواي بعد عام من الآن؟..
وأخيراً.. انتهى الدرس الصعب.. حذرتنا من اللعب فوق المقاعد.. ثانية.. وعدنا ـ حانثين ـ بعد تكرار ذلك.. غادرنا القاعة غير مصدقين بالنجاة..
.. علمنا ـ فيما بعد ـ أن التحول الذي طرأ عليها، كان ناشئاً عن حلم وردي.. يراود لياليها.. يحيي لديها بعض الأمل، في التخلص من كابوس العنوس، الذي يلازمها منذ وقت طويل.. دعونا ـ مخلصين ـ أن يطول الحلم.. بقدر ما تبقى لنا ـ تحت سلطانها وسطوتها ـ من زمن، تنعم فيه وجوهنا.. أيدينا.. جواربنا.. ببعض الأمن..
* * *
هامش أخير:
«.. لم يعد يحتمل.. ذنبه كبير.. يأكل جوفه ـ منذ مايقرب من مئتي عام ـ ويدمره.. إنهار أخيراً.. تداعى.. سقط على وجهه.. لا.. بل وجهه فقط هو الذي سقط.. انفصل عن جسده.. انقطم.. تكفيراً عن جرمه تجاه صرعى المدافع.. مدافع الطاغية التي نصبت ـ يوماً ما ـ فوق هضبته.
.. قال العلماء شيئاً ما عن طبيعة الصخور.. التأثر بالحرارة والرطوبة.. ليتهم يعلمون...»
نشر في مجلة (الأدب الإسلامي )عدد(22)بتاريخ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
نابليون
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
4taw3eah :: القسم الأدبي والقصصي :: منتدى الأدب الإسلامي-
انتقل الى: