أحزان الرسول
في البداية إحدى صفحات المعاناة في حياة الرسول الكريم والحكمة الإلهية منه: فيقول: عاش الرسول صلى الله عليه وسلم – 25 سنة – مع السيدة خديجة في حالة حب مستمرة، ولم يعكر صفوه إلا فقد الولدين ليتعلم الرسول مرة بعد أخرى أن الحياة لا تساوي شيئاً وأن الحياة قصيرة وأن عليه أن يعيش فقط من أجل الرسالة.
يموت القاسم ويموت عبد الله، الأول وعمره ثلاث سنوات، والثاني وعمره 4 سنوات.
وهذا العمر هو أحب عمر للأبناء عند الأب والأم.
ما الحكمة الإلهية من ذلك؟
أن يترسخ في ذهن الرسول صلى الله عليه وسلم أن الحياة لا تساوي شيئاً.
والذين ماتوا خلال حياة الرسول من الأحباب كثر. الأب والأم والجد والابن الأول والابن الثاني، خمس حالات فقد خلال 35 عاما.
كأن الله سبحانه يريد أن يقول له: يا رسول الله: اعلم أن الدنيا زائلة.
لهذا وقف يقول لعمه: والله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله، أو أموت في سبيله.
والله لا أعلم أن عظيماً من عظماء الأرض منذ خلق آدم يستطيع أن ينطق بمثل هذا القول.
وفاة الولدين أكدت ورسخت هذا المعنى عند النبي، أن الدنيا زائلة، فلنعش للرسالة. و"لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة".
فلماذا لا نعيش للرسالة والنهضة وإصلاح الأرض؟ بدلاً من أن تعيشوا لأنفسكم ولأولادكم؟ يا بني آدم انس الأضواء والشهرة والثروة والوجاهة وكرسي السلطة، وعش لله لتكسب رضاه، عش للفكرة، عش للإصلاح، نحن بحاجة إلى جيل جديد يفهم ذلك ويعمل به.
وهناك معنى آخر في موت أولاد النبي، أن كل شخص في الأمة لابد أن يكون له نصيب من الحب لرسول الله.
بم نعزي أي أب وأي أم فقدا ولدهما؟
أقول لهما: لقد مات للنبي ابنه القاسم، ثم مات له عبد الله بعد ذلك، فلا تحزن وتوكل على الله. الله سبحانه "ربما منعك ليعطيك".
هو يأخذ منك ليعطيك شيئاً أعظم.
والذي أُخذ ولده صغيراً، فإنه يُكتب من أهل الجنة، ربما لو كبر ما كان قد دخل الجنة لعصيانه.
ولصبر هذا الأب وهذه الأم، يصبحان مع ابنهما جيران النبي في الجنة.